تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

صفعة قلم


كلمات أشد وقعا من الحسام المهند
-1-
كم أكره أن أعيش في قمقم مختوم بختم الخضوع للأمر الواقع.
-2-
قال مدرس مادة التاريخ من مخيم جنين إن المواطنين في المخيم يرفضون الأفكار الجديدة التي يطرحها مسرح الحرية الذي أسسه جوليانو بن أرنا، الذي قتل في المخيم في الرابع من نيسان العام الماضي. 


وصل جوليانو بن أرنا اليهودية وخميس الفلسطيني إلى جنين قبل عدة سنوات وأسس مسرح الحرية ليعلم أطفال المخيم فنون التصوير والرسم والتمثيل والموسيقى، ويقنعهم بمقاومة الاحتلال بوسائل 


جديدة، منها ممارسة الفن وامتلاك المعرفة. لم تلق هذه الفكرة قبولا لدى الغالبية العظمى من المواطنين في المخيم، الذين اعتبروا جوليانو وجها آخر للاحتلال الذي استخدم القوة المفرطة ضدهم، ثم بدأ 


بممارسة تطويعهم وتدجينهم للتخلي عن أفكار المقاومة، والدخول في متاهات العولمة. بعبارة أخرى كما يقول أحد المواطنين، أخطأ جوليانو في اختيار الوقت المناسب، والطريقة المناسبة لطرح أفكار 


جديدة ونشرها في المخيم، دون أن يتهيأ المواطن نفسيا وفكريا واجتماعيا وحياتيا لقبولها.  
-3- 
قتل جوليانو وفي حضنه ابنه وهو يقود سيارته، وإلى جانبه جلست مربية أطفال، عندما أطلق ملثم ثلاث رصاصات عليه، ورغم مرور عام على مقتله، بالقرب من مقر المسرح , وبرغم التحقيقات 


المكثفة التي أجراها فريق إسرائيلي وآخر فلسطيني، لم يكشف النقاب عن القاتل الملثم، ولم تعرف حتى هذه اللحظة حيثيات ودوافع ارتكاب هذه الجريمة. من الجدير ذكره، أنه جرت أربع محاولات 


لحرق المسرح، ووجهت تهديدات إلى جوليانو.  
-4-
قال محافظ مدينة جنين قدوره موسى إنه لم يعلم بهذه المحاولات ولم يسمع شيئا عن التهديدات. وفي المخيم ينكرون معرفتهم بدوافع الجريمة، لكنهم يعتقدون أن مسرح الحرية يشجع على الاختلاط بين 


الجنسين، ويعتبرون ذلك تهديدا لمعتقداتهم الدينية. 
-5-
في السياق ذاته، قال احد المواطنين وهو حلاق من مدينة أريحا، إن الناس في فلسطين يخشون من أية فكرة جديدة ولا يقبلون بها، بل يعملون على إفشالها، مهما كانت نافعة لهم، ولا بد من فرضها عليهم 


بالقوة وليس بالإقناع. هذه إشارة واضحة إلى الجبرية التاريخية التي عانت منها شعوب المنطقة منذ مئات السنين. وقال صيدلي من المخيم،إنه يتقن فن الغناء، ويمارسه سرا داخل بيته، ولا يجرؤ على 


الغناء أمام جمهور  في قاعة عامة، خشية أن ينتقده الناس، لأن الناس في المخيم لا يعيشون حياة طبيعية، وجروحهم من جراء الضربات العسكرية الإسرائيلية المتتالية لم تندمل ، والأوضاع الاقتصادية 


بائسة، والأمل بحصول انفراج سياسي بعيد عن المخيم كبعد الكوكب العاشر عن الأرض.
-6-
في سياق آخر، يعترف محافظ مدينة جنين أن الذين صاغوا اتفاق باريس الاقتصادي من الفلسطينيين "العباقرة" لم يكن لديهم أي صلة أو معرفة بالواقع الاقتصادي في الأراضي المحتلة. كان يتحدث عن 


ستة عشر ألف خريج جامعي عاطل عن العمل، وأربعة آلاف خريج آخر، ينضم إلى سوق البطالة كل عام. 
-7-
يستخدم معظمنا مفهوم "المشروع الوطني" دون أن يفهم أنه تغير من المعنى إلى ضده، من تحرير الأرض والإنسان إلى بيع الأرض واستعباد الإنسان وإفقاره. 
-8-
الحل النهائي الذي تريد إسرائيل تنفيذه للقضية الفلسطينية هو إنشاء شركة مقاولات فلسطينية بإشراف وإدارة إسرائيلية على جزء من الأراضي الفلسطينية: تدفع الدول المانحة رأس المال للبنية 


التحتية والنفقات،المدير التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة فلسطينيون ، يخضعون كرها أو طوعا لتعليمات الحكومة الإسرائيلية، الحراس فلسطينيون يعملون بإمرة ضابط أمني إسرائيلي كبير، الأرباح 


مادية وسياسية ومعنوية تحصدها الحكومة الإسرائيلية، أهمها، السيطرة على الأراضي الفلسطينية، إلقاء أعباء إدارة الشؤون الداخلية على الفلسطينيين، تصفية القضية الفلسطينية، مقابل عمولات 


وسمسرة يقبضها مجلس إدارة الشركة  وعصابة منظمة التحرير ومن لف لفهم، منتجات شركة المقاولات: استمرار الاحتلال، زيادة أعداد المستوطنات والمستوطنين، سلخ القدس تماما عن الضفة 


الغربية، ومحاصرتها بالحواجز والبوابات، إسقاط حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ضرب المقاومة، إعادة برمجة عقولنا ونفوسنا على قبول الاحتلال وسلطة الفساد وضياع فلسطين.   
-9-
أصبحت منتجات هذه الشركة مكونات أساسية في "المشروع الوطني" الفلسطيني، وهي قمامة سامة,نتنفسها هواءً ونشربها ماءً ونتغذى عليها فسادا وخيانة وضياعا.
-10-
المعارضون إقامة شركة المقاولات الفلسطينية متطرفون وإرهابيون ولا يحبون السلام.
-11-
يقولون إنها سلطة وطنية, نقول: عيب أن نسميها سلطة وطنية، بل مجموعة من التجار والسماسرة الذين يضعون على رؤوسهم قبعات عليها خارطة فلسطين وكثير من الشعارات الكاذبة، ومناضلون 


سابقون تعبوا من النضال، وبلطجية، وانتهازيون أرادوا استثمار مواقعهم في منظمة التحرير أو في المؤسسات والجمعيات ومخدوعون من المقاتلين في صفوف حركة فتح وبعض المنتفعين من اليسار 


واليمين. 
يقولون هناك مئات من الجمعيات الخيرية والإنسانية العاملة في الأراضي المحتلة، ما يعني تبلور مجتمع مدني ، نقول:عيب أن نسميه مجتمعا مدنيا, بل دكاكين متناحرة على الغنائم, تتاجر بالمبادئ 


والشعارات, وتعمل بـ "الرموت كنترول" وتنفذ برامج خادعة ليست من الأولويات والضروريات التي يحتاج لها شعبنا. 
يصفون  أيضا الاقتصاد بأنه اقتصاد وطني, ونقول: عيب أن نسميه كذلك, بل يجب أن نسميه باسمه الحقيقي: اقتصاد التسول. 
-12-
المشاعر الوطنية أحاسيس جميلة نحسها تجاه الوطن والناس, ولكنها تموت عندما يتحول هذا الوطن إلى مكب قمامة, مخلفات أفكار, شراذم أرض، إحباطات لا متناهية, هزائم متكررة, استيطان مستمر, 


نهب ولصوصية وبغاء، تدمير اقتصادي ممنهج، رزم أكاذيب, اتفاقات أضاليل, فساد سياسي ومالي وإداري وأخلاقي, انتهاكات فاضحة للمبادئ, مصائب, ضياع للأمل, تسيب وفوضى, أضف ما شئت 


من القاذورات والآفات. 
-13-
عندما يتفاوض المهزوم مع المنتصر يملي الأخير شروطه على الأول، وتسمى الاتفاقية الموقعة بينهما اتفاقية استسلام، هذا ينطبق على اتفاقات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، ولكن المهزوم وهي 


سلطة الحكم الذاتي تحاول تسويق الاستسلام على أنه واقعية سياسية. 
-14-
السلطة جاءت لتنقذ الاحتلال وتحمل عنه أعباء احتلاله، وتحميه من "إرهاب" الانتفاضة الأولى, وتريحه من تحمل نفقات إدارة شؤون شعب تحت الاحتلال, فحملت السلطة على عاتقها حملا أثقل من 


قدرتها، وقامت بإدارة شؤون المواطنين الصحية والتعليمية والخدمية, بأموال الضرائب والجمارك والدول المانحة. تفعل ذلك دون أن تفقد "وطنيتها", ولم تكن إدارتها ناجحة لتفشي الفساد فيها. وهذا 


أمر لا يصدق. 
-15-
لم تتمكن السلطة من التخلص من نفايات الاحتلال, ومياهه العادمة، ومخلفاته الكيماوية, وأتربته وغباره المنتشر في كل مكان. 
-16-
هناك إفراط في استخدام "مخصبات الاحتلال السياسية", التي ينجم عنها آفات التلوث, ونظرا للزيادة الكبيرة في عدد السكان, وضيق رقعة الوطن, تلوثت التربة والهواء والماء, أصيبت الطبقة 


السطحية من التربة بتشققات, وساعدت عوامل التعرية من رياح التمرد وأمطار التغيير وعواصف الانتفاضتين على جرفها وإزالتها.  منعنا الاحتلال, من بناء أنظمة ري حديثة لصرف المياه الزائدة, 


والتقليل من تفتيت التربة وتشققاتها وعمليات الجرف، وأقام جدرانا فاصلة وعازلة، ثم جلس على طاولة المفاوضات وقال: هذه هي شروطي، ولكم الخيار أن تقبلوها، أو لا تقبلوها، والأمر سيان عندي، 


وفي كلتا الحالتين، أحوالكم لن تتغير. ستأكلون وتشربون ما أعطيكم، ولن تتحركوا من مكان لآخر إلا بإذني، فإن تمرد شعبكم، سأقتل الكثير من أفراده وأسجن الآلاف منهم، وأعيد قيادتكم من حيث أتيت. 


وقيادتكم لا تريد أن تفقد المنافع ومنها بطاقات الـ "في أي بي" والمشاريع الاقتصادية الاحتكارية.
-17- 
الغبار والرمال السياسية الزاحفة من مؤتمرات الدول المانحة, ومن المصانع والكسارات والدخان الكثيف الناتج عن استمرار النزاعات والمناكفات السياسية بين الفصائل والعشائر يزيد من بؤس الحياة 


في فلسطين. البحر يجرف كميات هائلة من الرمال الذهبية الصفراء في شواطئ قطاع غزة, ولا زالت سلطة حماس تلقي مخلفات التركيع في أماكن  متفرقة من الشواطئ. المياه العادمة القادمة من 


المستوطنات تتسرب إلى البحر. هناك كميات هائلة من النفايات العائلية والفصائلية المتكدسة على الشواطئ. فقدنا أكثر من 25 مليون متر مكعب من الرمال. أقيمت مقالع الاستيطان على مقربة من 


التجمعات السكانية, والاراضي الزراعية في الضفة الغربية. انفجارات مستمرة وغيوم من الغبار وضجيج وإزعاج على مدار الساعة, مساحات شاسعة من الأراضي تضيع من أجل حماية أمن 


إسرائيل,ورسم خارطة إسرائيل لحدود دولة الحكم الذاتي، هناك تغييرات في مكونات مجاري الينابيع, لم تعد المياه الوطنية العذبة صالحة للشرب أو للزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. 


-18-
الأرض أرضنا, والقمح قمحنا, والماء ماؤنا, والهواء هواؤنا, بيد أن قيادتنا قبلت أن تدفع أثمانها للعدو, واشترينا قمحنا وماءنا وهواءنا, بالدولار الأمريكي, وضمانة "اليورو" الأوروبي, وكان للريال 


السعودي والعملة القطرية دورا لا يمكن تجاهله, وتغذينا على قمامة القروض والمساعدات وتعهدنا بالمحافظة على أمن إسرائيل. 


-19-
أسهل شيء أن أقول أن الاحتلال هو المسؤول عن كل فشلنا. وما أصاب الشعب الفلسطيني من نكبات وهزائم لا يعفيه من توجيه اللوم إلى نفسه. 
-20-
أيتها النفس المتمردة, أخرجي للناس وأشهري سيف النقد دون حساب للربح والخسارة. لقد فقدت الأشياء معانيها الأصلية، فحياة العبد ليست ربحا، وموت الحر ليس خسارة.
-21-
أيتها الشعوب المقهورة, لا يريد قاهروك أن تسأليهم عما يفعلون, العبيد لا يسألون, ولا يطلبون الحرية, ولا يتمردون, فقط هم الأحرار الذين يثورون ويغيرون واقعهم.  
-22-
وصلت الأمور إلى مفترق طرق: إما أن يتوقف هذا العبث المهين للشعب, أو  تنفجر الثورة. 



-----------------------------------------------------------------------------------------------





فساد المثقفين الكتبة



بعد نشره سلسلة من التحقيقات عن الفساد في موقع المحقق الفلسطيني، نصح الأقرباء والأصدقاء والمحبون صاحب الموقع بأن يتجنب الكتابة عن الفساد والمفسدين، خشية أن يتعرض للأذى، ونصحه أحدهم وكان اسمه عفيف، بأن يكتب عن إنجازات الحكومة، ويتجنب الإساءة إلى أي مسؤول، ثم يعرض ما كتب عليها، لينال رضاها، يكتب ليرضيها فترضيه. رد المحقق الفلسطيني بقصيدة باللغة العامية، يشرح وجهة نظر هؤلاء الأشخاص الذين نصحوه بأن يتصرف كمعظم المثقفين المنافقين والمرتزقة. 

اليوم وبكره وبعدو كمان 
نكتب عن الحكومة والانجازات
كلام دهب عن الدهب 
نكتب ونقول بلاد دهب واستثمارات 
ما فش كلام عن الفساد والمفسدين
اليوم وبكرة وبعدو كمان 
نصلي ورا المسؤولين الخمس صلوات
ونقول: آمين، يا رب العالمين
تحميهم من الحاسدين الحاقدين الماكرين
نعمل رقابة عا الكلام 
يعني كيف، يا عفيف؟
يعني تكتب كلام أليف
خفيف ونضيف لطيف يا ظريف 
تكتب بس ما تجرح 
تصور بس ما تفضح 

كلامك يكون معسول 
لا حد يزعل منك، ولا حد يقول
كلام فظيع عن أمر وضيع
خلاص ما فش كلام عن الفساد 
تكتب تقول: المسؤولون خدموا البلاد 
ضحوا بحياتهم منشان بلادهم 
أنت فاهم بلاش نقول فلان سرق وفلان حرق 
بلاش نقول فيه مفسدين، فيه مجرمين همو دول المسؤولين 
هم دول المسؤولين عاملين عصابة في جوا غابة 
حرام نقول كلام فظيع 
تكتب تقول كلام عن الجد والعمل ننساش كمان الأمل
كلام ما يضر حد، لا مدير ولا وزير 
العدل مستتب، الأمن مستتب، والناس تحب الناس 
الشوارع نظيفة 
والوزرا نفوسهم عفيفة
والزعيم كريم وعظيم .. يا سلام .. كله إخلاص
الناس بحبوه وهوه يحب الناس
ملايين باسمه تهتف، تهتف تقول عاش الزعيم عاش الزعيم
*** ***
اليوم وبكرة وبعدو كمان 
نكتب ونحكي كلام دهب 
إحنا دخلنا عصر جديد فيه تشديد
وخطوط حمرا مطلوبة
يعني كيف؟
يعني تكتب بدون ترهيب تكتب وتكون إنت الرقيب يا لبيب 
كلام في سلام، وسلام في كلام تكتب دهب تغوص بالدهب 
قصور عمرانه وبيوت مليانه وقلوب فرحانة والخير كتير 
ما فيش تعب ولا غضب ولا نهب ولا شطب ولا عطب 
وتكون بصير
كله ماشي ما في مشاكل الناس تموت معلش تموت فراخ تموت والدنيا تمشي 
معلش ما فش فاشي ولا كلام في الحواشي والمركب يمشي 
ما في سباب، ولا أي كلام هباب
لا إرهاب، لا تحريض للشباب 
إحنا دخلنا عصر جديد فيه تشديد وخطوط حمرا مرغوبة 
يعني ممنوع تقول الكلام ممنوع
كله ماشي 
في أحزاب كتيره فيه حريات كبيرة 
كله ماشي 
الجرايد رسمية وكمان شعبية
كله ماشي 
ممنوع تقول في رقابة عا التفكير 
إحنا دخلنا عصر جديد فيه تشديد 
ريح بالك، لا تتعب راسك 
يعني تقول الزعيم حكيم، كلامه كله حق بحق 
وكلام الشعب إصحا كلام الشعب كلام الشعب يصير تحريض 
والناس تموت في الزفت 
كل الناس اللي فوق تمام يعني الوضع تمام
الناس اللي في البرج تمام يعني كل الناس تمام 
كيف الشعب بياكل حط في الخرج 
كيف بيشرب حط في الخرج 
وين الشعب ينام حط في الخرج 
وين الميه وين الأرض وين وين وين الشعب حط في الخرج 
وين أشجار الزيتون وين القمح حط في الخرج 
حقوق مسلوبة حط في الخرج
بلاد منهوبة حط في الخرج 
إحنا دخلنا عصر جديد فيه تشديد
الزعيم هو البلد 
والبلد هيه الزعيم – والزعيم هو الحكيم 
يمنعنا من الحكي خوف ما يزيد الإرهاب بين الشباب 
والزعيم بدو رقابة هادا مهم
والهتيفة كتار كتار هادا مهم 
الكل بيركض للوزارات هادا مهم 
أحلام ممنوعة حط في الخرج
رقابة ذاتية ... مواد مشطوبة.. حط في الخرج
وزارة شفط وزارة لهط كتابة شط، كتابة مط 
نعمل من الباطل حق
يمكن بكرة ناكل بط 
شو ممكن نكتب ! حط في الخرج 
شو ممكن نحكي حط في الخرج 
يا الله نشط يا الله نط 
يالله نمط 
كلام كتير نقدر نقول 
الانجازات الإنجازات الإنجازات



------------------------------------------------------------------------------------------------------

أزيلوا القداسة المزعومة عنهم 




رغم حاجته الماسة لمنزل أكثر اتساعا لتزويج أبنائه، رفض محمود سليمان أي عرض مالي مغر من قبل سماسرة عرب ويهود لشراء أرضه ومنزله في وادي حلوة في سلوان وعرض بيعهما لدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، بمبلغ 250 ألف دينار أردني فقط  لحمايتها، وتستطيع دائرة الأوقاف أن تحول المنزل إلى مدرسة وساحة الأرض أمام المنزل إلى موقف سيارات لخدمة أهل الحي، ولكنها أحجمت عن شرائها، بدعوى أن الأرض ليست مسجلة في "كوشان" الطابو.  


وتجاور قطعة الأرض أسوار المسجد الأقصى المبارك من الجهة الجنوبية.   


وقال ابن صاحب الأرض إبراهيم بـ "أن سماسرة عربا حاولوا شراءها، وتبين لنا أن لديهم صلات بشركات استيطان يهودية، فرفضنا بيعهم، لأنه لا يجوز لنا شرعا بيع المنزل لليهود، ونفضل أن نعيش في منزل مستأجر طول حياتنا، على أن نبيع العقار ونصبح أثرياء".  


وقد يقول قائل بأنه من حق دائرة الأوقاف أن لا تشتري عقارا غير مسجل بدائرة الطابو، ولكن هناك من يجادل بأن دائرة الأوقاف لا تنفذ القانون على جميع الناس، بالتساوي، خصوصا إذا جاء هذا الشرط من  المحامي الذي يعمل مستشارا قانونيا لدى الأوقاف السيد جمال طعمه، الذي يتهمه المحامي فهمي شبانه بأنه متورط في بيع عقار او عقارين في البلدة القديمة لليهود، حسب اعتراف طعمه نفسه.  


اتصلنا بمدير دائرة أوقاف القدس، السيد عزام الخطيب، وسألناه عن هذه أرض السيد سليمان المعروض بيعها للأوقاف، فأنكر معرفته بها، وطلب منا الاتصال به ثانية، فكررنا الاتصال، لكنه أغلق هاتفه النقال.  


ولكن المهازل لا تقتصر على هذه القضية فقط، بل تتعداها إلى استمرار إغلاق المتحف الإسلامي الكائن على الحد الغربي لحائط البراق، لماذا لم يفتح المتحف للزوار لتدب فيه الحياة، ويظهر للناس المعلم الحضاري الإسلامي في مواجهة محاولات إسرائيل الاستيلاء عليه؟ هل بقاؤه مغلقا بعد ترميمه كان تلبية واستجابة لمطلب الاحتلال؟ وهل في هذا التصرف خشية مؤكدة من احتمال أن تقوم  إسرائيل بفتح باب خارجي له وسلخه عن الحرم الشريف؟ 


لماذا أُهملت الأوقاف القيام بواجبها تجاه بركة السلطان، ما جعل بلدية الاحتلال تضع يدها عليها؟ 


وهل أحد يعرف كيف فرطت الأوقاف بأرض الفنادق،  ولم تحرك ساكنا لمنع بناء فنادق سياحية على ارض واقعة على  خط الهدنة على ما يسمى بشارع رقم واحد، فضاعت الأرض الوقفية وشيدت عليها الفنادق.  


ولماذا رفضت الأوقاف  استلام عقارات وقفية على أبواب المسجد الأقصى؟ 


أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات واضحة من المسؤولين مثل مدير دائرة أوقاف القدس السيد الخطيب والشيخ عبد العظيم سلهب المدير العام المساعد لشؤون القدس يتهربون من الإجابة لأنهم متورطون.   




كانت الأوقاف الإسلامية، حسبما ترسخ في أذهان الناس على مدى العصور، ميدان مجابهة لصد المعتدين على أملاك وعقارات المسلمين، بالقدس ، وينظر إليها الجاهلون بالأمور على أنها جدار صد أمام محاولات التهويد، ولكنها، كما يراها العارفون بخفايا الأمور فيها صارت مرتعا خصبا للفساد. يتصرف المسؤولون في دائرة الأوقاف وكأن المدينة غير محتلة، وينتظرون الأوامر من الحكومة الأردنية، مكتفين بتسلم الرواتب كل شهر، وتحويل المال الوقفي إلى خزينة الدولة الأردنية، وترديد 


الشعارات الخالية من أي معنى عن أرض الصمود والرباط،  وكأن القدس ليست هي القدس التي تهفو إليها نفوس وأفئدة الملايين. لم يكن دور المسؤولين في الأوقاف سلبيا فقط بل كان ولا يزال دورا متواطئا وجبانا ومهادنا للاحتلال. 


كمواطن مقدسي، ككاتب ومحقق في قضايا الفساد، أرى ، بالتعاون مع الشرفاء في المدينة، أن  الوضع يتطلب العمل الجماعي على إزالة "القداسة الوهمية" عن هؤلاء الموظفين الكبار في دائرة الأوقاف الإسلامية، أصحاب العمائم والمناصب والألقاب التي لا معنى لها ولا تساوي شروى نقير 




------------------------------------------------------------------------------------------------------




 يكتبها المحقق الصحفي سعيد الغزالي

نكافح الفساد بتغيير القسم
نظر سعادة الوزير زياد أبو زياد وزير شؤون القدس السابق , بعين الرئيس الراحل أبو عمار, ووضع يده على المصحف الشريف, وأقسم اليمين القانونية أمامه, وأصبح بعدها وزيرا, ويجب أن نصدق كل ما قال وفعل سعادته, بعد أن أقسم اليمين, بأنه لن يخون الأمانة.
أعرف سعادته, منذ سنوات طويلة, عندما كان يكتب ويحرر في صحيفة الفجر المقدسية, وكنت أعمل فيها, أذكر أنه قد وضع اسمي مرة في خبر نشره في مجلة سياسية اسبوعية في قائمة "شخصيات وطنية", بعد مشاركتي في اجتماع مناهض للإحتلال. ولم يكررها. قلت في نفسي, في ذلك الوقت: لعل معاييره لتحديد "الشخصية الوطنية" لا تنطبق عليً.
مرت الأيام, والتقيته مرارا في مناسبات عديدة, كنا نتبادل التحية. وأصبح عضوا للمجلس التشريعي, في أول انتخابات تشريعية فلسطينية عام 1996, أذكر أنه طالب الرئيس في الجلسة الأولى باسترداد مبلغ 1000 دولار الذي دفعه كل عضو رشح نفسه للإنتخابات. فالفائز منهم يسترد ما دفع, والخاسر يخسر المبلغ. أذكر أن أبو عمار قال له ساخرا : "راجع وزير المالية", والكل يعلم أن وزير المالية محمد زهدي النشاشيبي ليس له صلاحيات بصرف المال دون موافقة الرئيس.
صعد سعادته سلم العلى والمجد من عضو في التشريعي, إلى وزير لشؤون القدس في عهد الرئيس الراحل وعهد الرئيس الحالي, وقبل أن يصبح وزيرا صادفته في أحد الأيام في العيزرية يقود سيارة جيب, فقلت في نفسي: "أنعم الله عليه بعضوية التشريعي وسيارة الجيب, اللهم لا حسد".
مرت الأيام وقرأت مقالة تلميعية عنه, نشرت في موقع الجزيرة في 4 ديسمبر عام 2009, وقد وصف الصحفي الألمعي أبو زياد بـ "القيادي المقدسي", وظهر من تصريحاته أن سعادته حريص على القدس,  فقد صرح "أن دائرة شؤون القدس أو غيرها هي مسميات فقط لا معنى لها, وأن تشكيلها لا يأتي استجابة لما تتعرض له المدينة, وإنما تعبير عن حالة إفلاس للحفاظ عليها والتفاعل معها ومحاولة لتبرئة الذمة تجاه القدس".
أسهب صاحب السعادة السابق بالنقد الموجه للسلطة الفلسطينية التي كان جزءا منها بقوله: "إن تشكيل مثل هذه المؤسسات والدوائر محاولة لتبرئة الذات من جريمة تضييع القدس والتخلي عنها, خاصة وأنها باتت شبه مهودة, مؤكدا أن القدس بحاجة لعمل وليس لشعارات ومسميات".
لا غبار على هذه التصريحات, ولكن العبرة – كما يقول سعادته- ليس بالتصريحات, بل بالعمل. والمصيبة أنه كان وزيرا لشؤون القدس, فهل قام الوزير بالعمل على إنقاذها من التهويد, ولما اطلعت على الملفات المنشورة  وغير المنشورة في ملفات فهمي شبانه, وجدت أن سعادة الوزير لم يقم حتى بتبرئة ذمته بفعل شيء حتى ولو كان صوريا,  بل كذب وسرق وزور ونهب المال العام, وورط آخرين ومنهم شقيقه, خليل أبو زياد .
بعظمة لسان شقيقه الذي اعترف لـ "شبانة" في اعتراف من سبع صفحات, توقيعه موجود عل كل واحدة منها, بأن شقيقه عرّض ثلا ث قطع أراض في باب المغاربة وبيت حنينا وأرض اخرى قرب أبوديس من جانب بالقدس لخطر التسريب لحارس املاك الغائبين نتيجة طمعه وجشعه , كان أبو زياد قد قام بتسجيل صفقات البيع  باسم شقيقه, وفي أحد الأيام طلب من شقيقه أن يسجلها باسمه لدى كاتب عدل إسرائيلي. ولكن خليل أبو زياد رفض ذلك. ولو فعل خليل ما طلبه شقيقه, الذي يحمل هوية القدس, لأصبحت هذه الأراضي ملكا لحارس أملاك الغائبين.
ليس هذا فقط, بل إنه ورط الحسيني حين جعله يوقع على رسالة للرئيس أبو عمار بتاريخ, 15-12-1999 يطلب من الرئيس دفع 200 ألف دولار كدفعة ربط لشراء قطعة أرض في باب المغاربة يملكها يهودي من أصل إيراني, يدعى مسعود(نيسان) سجيان. وقرر أبو عمار في السابع والعشرين بنفس الشهر والعام أن يحول له المبلغ.
والقطعة مشتراه من محمد خليل القراعين الذي قتل عام 1989 بتهمة بيع وتسريب أراضي لليهود. مساحة الأرض المعنية,  1.3 دونم, وعليه أربع بيوت عربية, تسكنها أربع عائلات غير محمية, ولا تبعد إلا مائتي متر عن السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك. وانتقلت ملكية الأرض للمالك الجديد سجيان عام 1994.
زعم أبو زياد في رسالته أن قيمة الأرض تزيد عن 1.5 مليون دولار, وأنه تجري مداولات ومساومات مع منظمة عطيرت كوهنيم الاستيطانية التي استعدت دفع ضعفي المبلغ له. ويحث أبو زياد الرئيس أن يسارع بدفع المال والتوقيع على الصفقة قبل أن تطير الأرض إلى أيدي عوطيرت كوهانيم وتتشرد العائلات العربية.
كتب أبو زياد للرئيس: " عطيرت كوهنيم دفعوا له (لمسعود سجيان) ضعف المبلغ أي مليون ونصف مليون دولار, ولكنه غير متحمس, لأنه كان يعيش مع المسلمين في إيران أيام الشاه, وتربطه  بهم ذكريات جميلة, ولا يريد أن يلقي عائلات عربية في الشارع, ولكنه بنفس الوقت بحاجة للمال وبالتالي مستعد  للبيع لجهة عربية  لقاء ثمن معقول".( أي  750  ألف دولار, تقاضى منها أبو زياد 700 ألف دولار, حسب إيصالات من وزارة المالية, محفوظة في ملفات شبانه.

سأفترض أن الرئيس أبو مازن لا يعلم بما فعل أبو  زياد, فلم يحرك ساكنا. للأسف, اشتغل رجالات السلطة في تشويه سمعة شبانه وبث الدعايات المغرضة, بدلا من القيام بالتحقيق فيما أورده من معلومات ووثائق.  فقد قام أبو زياد بشراء أراضي, وتقاضى أضعافا مضاعفة من السلطة, وكذب في تحديد أثمانها التي دفعها, كذب وماطل, عندما زعم أنه يريد تحويل ملكية الأراضي إلى دائرة الأوقاف الإسلامية, ولم يفعل حتى هذه اللحظة. لم يكتف بالكذب, بل زيف أوراقا, ونهب قطعة أخرى في بيت حنينا, وثالثة في أبو ديس.
أخذت أبحث عن رقم هاتفه إلى أن وجدته, هاتفته وسألته عن كل هذه التهم, فرفض أن يجيب على أسئلتي وقال إنه لا يريد أن يتحدث بالموضوع, بل استنكر تناولي لقضيته, بقوله: "هناك مليون قضية أخرى تكتب عنها, وما فش إلا قضيتي".
أجبت: "وأنا أكتب عن قضايا اخرى". وذكرت عددا من الأسماء الذين أحقق في فسادهم.
 أجاب: "أنا احترمك  وأنت صديقي. أحسست, بعد ذلك, بأنني  أحرجته, لذلك وتجنبا للحرج, أقترح إجراء تعديل دستوري في صياغة القسم: فيقسم الوزير أبو زياد, ويكون صادقا في قسمه, ويقول: أقسم بالله العظيم ألا ألتزم أبدأ بالدستور, ولا أحترم القانون, ولا أوفي بعهد قطعته على نفسي أبدا, قبل أن أصبح وزيرا, وبعد أن أصبحت وزيرا, وأقسم أن أتخلى عن الإلتزام بخدمة الوطن, فلا أخدم إلا نفسي ومصالحي, وأفراد عصابتي من أهل الفساد, وأبذل كل جهدي وبكل أمانة في خدمتهم, والله شهيد على ما أقول".
وأنا بدوري, أقسم ألا أتعرض لأي وزير أو مسؤول يعمل في السلطة الفلسطينية, أو في أي جهاز أمني, قضائي, وإعلام رسمي أو خاص أو أي مؤسسة عامة أو خاصة, إن أقسموا هذا القسم.
ولكنه لم يقسم, وأنا أقسم أن أحارب الفاسدين من أمثال أبو زياد وغيره.