تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

09‏/09‏/2012

شر البلية ما يطرب


باختصار شديد، وضعت يدي على خدي، وطربت فغنيت، أو وضعت رأسي بين يدي، ففرحت وتفاءلت، مثل ما فعل "سيادة الرئيس" محمود عباس، ويقال أنه يدعى "أبو مازن" في مسجد التشريفات في المقاطعة برام الله يوم الجمعة وهو يستمع لخطيبه والناطق باسمه الشيخ فلان الذي كان يرتدي بذلة رمادية، ليست بنفس فخامة بذلات الرئيس السابق حسني مبارك، واستعرض الشيخ بحركات يديه وصوته الجهوري المزعج لطبلة الأذن بطولات الرئيس وصولاته في قول لا... الزمن تغير... الرئيس يقول دائما لا للإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين والعرب، خلافا لقول الشاعر الفرزدق في مدح  زين العابدين بقوله انه : "ما قال لا إلا في تشهده".
ظننت أن الرئيس من كثرة لاءاته أنه سيعلن الحرب على الولايات المتحدة، فخشيت أن ترد أمريكا بقنبلة هيروشيمية النوع، ثم  تذكرت أنه لا يستطيع أن يرد عن المقاطعة قطيعا من جنود جيش الدفاع
.
 الاسرائيلي مسلحين بالعصي، فاطمأنت نفسي بأن جسدي سيبقى سليما، وكذلك ذريتي من بعدي.  
لطمت مبتهجا. اللطم لم يكن في نفس اليوم، بل كان في اليوم التالي، أي يوم السبت الموافق 8-9-2012 بعد أن استمعت إلى خطاب التخاريف من صاحب السيادة نفسه ومن مقره في المقاطعة.
لن أزعجكم بسرد تخاريف خطيب الجمعة وتكرار تخاريف الرئيس، فلا جدوى من تفنيد المفند، فواقع الحال في فلسطين سياسيا واقتصاديا وأمنيا يتحدث عن نفسه بنفسه، وحالنا أقل أو أكثر سوءا من الوضع الدموي في سوريا، وقبله الوضع في ليبيا ، وكذلك في اليمن ومصر وتونس والبحرين والاردن والحبل على الجرار
باختصار أيضا، قال لنا الرئيس في مؤتمره الصحافي الهزلي أنه لا يملك حلا  للوضع الاقتصادي المتردي. وهو يقبل بالأمر الواقع، واقع الشحاته، والاعتماد الكلي على صدقات الدول المانعة عربية كانت أم أجنبية، وهو يرضى أيضا بأن تبقى الأجهزة الأمنية الفلسطينية أداة في يد الاسرائيليين الذين ينهبون ويعتقلون ويقتلون الفلسطينيين ولا أحد يعترض على ما يفعلون.
باختصار للمرة الثالثة، الرئيس منزعج من الحراك الشعبي في فلسطين، ومنزعج من هؤلاء الشباب الفلسطيني الذين يحرقون أنفسهم على طريقة البوعزيزي، وهو يذكرهم بأن الانتحار حرام. لكنه لم يقل لنا – لعله نسي أو تناسى- أن تهريب "الموبايلات" وقناني "الويسكي" حرام أيضا ويعاقب القانون مرتكبها.
اقسم بالله العظيم أنني نسيت هذه القصة حتى رأيت روحي فتوح واقفا يصلي إلى جانب الرئيس في الصف الأول في مسجد التشريفات. ومما تذكرته أيضا أن صاحب السيادة ليس له سيادة على أي شيء. وهو لا ينكر هذا أيضا، ولكن قطيع الصحافيين الذين حضروا مؤتمره الصحافي كانوا يصرون على وصفه بـ "سيادة الرئيس". 
والجدير بالذكر أن بعضهم كان ملكيا أكثر من الملك، فعبروا عن خشيتهم من الفوضى التي قد تنجم عن الحراك الشعبي، وقد التقط الرئيس نفاقهم، فأمعن بالاستهزاء بهم، بل إنه ردد مقطعا غنائيا لهم. وشر البلية ما يطرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق