تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

27‏/09‏/2012

أبو مازن: متى تتغير يا سيادة الرئيس؟


هذا السؤال ليس مناشدة للرئيس بل إدانة 

صريحة لكل المتسترين على جرائم 

المسؤولين في  السلطة الفلسطينية

سعيد الغزالي*

ندد تحسين صبيح في صفحته على الفيسبوك 

المسماة "فلسطين العروبة" بمقالتي، بقوله: "عيب 

يا جماعه والله عيب اللي بصير...الصحافة 

للثقافة مش لنشر الغسيل...علشان حسين 

الشيخ او 

غيره لازم ندمر عفة وشرف اخت 

لنا...بصراحة ثقافة الموت هاي ما بتعجبني"
.


ماذا يعني صبيح بقوله:"الصحافة للثقافة". هل 

هي من أجل التحدث عن إنجازات المسؤولين أم 

التراث الشعبي، أم لمتابعة أخبار الفضاء والانجازات العلمية والمباريات الرياضية؟  الصحافة 

تهدف إلى امتاع القاريء أو المشاهد وزيادة معرفته، وتنويره والتأثير على المسئولين 

وإصلاح اعوجاجهم.  هذه هي الأدوار التي تلعبها الصحافة.

أخفق صبيح في معرفة ذلك. اقول له إن الصحافة سلاح من أجل التغيير، مرآة للضمير، صوت 

الحق والعدل، إحدى القوى المجتمعية المؤثرة، وهي السلطة الرابعة. 

سأناقش بقية عبارته في السياق.

صبيح هو شخص عادي،  سجين سابق ويساري، لا يهم، المهم أنه مواطن فلسطيني ومقدسي، 

ويحق له أن ينتقد، أن يُقوم الإعوجاج، على أن يكون نقده في   محله. فإن لم يكن في محله، 

وإن كان نقده من أجل المحافظة على الإعوجاج، فمن حقي الرد عليه.

استعرضتُ في مقالتي تفاصيل جريمة التحرش الجنسي التي ارتكبها حسين الشيخ وزير 

الشؤون المدنية بحق زوجة أحمد أبو العم، مستغلا منصبه وموقعه.  ولا يهم من هو أبي العم. 

المهم أنه مواطن فلسطيني من رام الله. ولا يهم من هي زوجته، المهم أنها مواطنة فلسطينية من 

قضائها.

ويحق لكل مواطن ومواطنة مقاضاة المجرم ولو كان الرئيس ذاته، هذا إذا أردنا أن نتصرف 

كشعب محترم وحضاري ومتمسك بحقوقه ورافض للذل والمهانة دون اعتبار لمصدرها 

ومسببها.

من هذا المنطلق، أرفض ما قاله صبيح. أرفض كذلك تسييس الجريمة، ومحاولة الزعم على 

أنها مؤامرة دحلانية، أي من صناعة محمد دحلان، كما قال الوزير حسين الشيخ لصحيفة "

هآرتس الإسرائيلية": "إن الحديث يدور عن محاولة تلفيق قضية بحقي وإساءة سمعتي، وإن 

جماعة محمد دحلان تحاول تشويه صورتي، وكل ذلك شائعات".

عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العالول يقول "إن ما جرى مع الوزير الشيخ ملفق 

وجزء من مخطط كبير يستهدف القيادة".

أقتبس ما ورد على لسان أبي العم الذي حاول اللجوء للرئيس لرفع ظلم الوزير عنه. قال أبو 

العم:"استكملت ملف الإدانة، وقمت بتسليمه إلى مدير المخابرات العامة اللواء ماجد أبو فرج، 

وتوفيق الطيراوي، وذهب الاثنان إلى الرئيس وسلماه الملف، بعد أن تأكدا من صحة المعلومات 

التي تدين الوزير. قال المسؤولان للرئيس: إن الوزير مدان ولا مجال للشك بذلك".
أجابهم الرئيس: "سكروا الموضوع لحين عودتي من امريكا لأن الظرف حساس والانتخابات 

على الابواب وإن علم الشارع سنخسر الانتخابات في الرئاسة والبلدي وكل شيء، مش ناقصنا 

فضايح واللي فينا امكفينا، ارجوكم لمو الموضوع ولا تجعلوه يتفاقم".

هناك ظلم شديد، تحرش جنسي ارتكبه الوزير ضد زوجة الشاب أبي العم. يجب أن يرفع هذا 

الظلم وأن تأخذ الزوجة حقها من أي شخص اعتدى عليها سواء كان وزيرا أو  سائق شاحنة.

هل العالم يجهل بوجود فساد في فلسطين؟
الإجابة لا. العالم يعلم، ولكنه لا يعلم بكل التفاصيل.
هل الشعب الفلسطيني يجهل أن هناك فساد في فلسطين؟
الإجابة لا. الشعب الفلسطيني يكتوي بناره، ولكن معظم الناس لا يعلمون تفاصيل الجرائم. 

ويستمعون إلى الشائعات فقط.

كتبت المقالة بعد حديثي مع الضحية، وفيها بعض التفاصيل، وليس كلها، أبتعدت في كتابتها 

عن نهج التعميم، والكتابة المسطحة في مواضيع خطيرة كالفساد السياسي والمالي والتحرش 

الجنسي وجرائم القتل وغيرها من الجرائم الكبرى التي يرتكبها المسؤولون، دون حساب ولا 

عقاب، مستبيحين حرمات الناس وأملاكهم ، دون قوة قانونية أو مجتمعية تردعهم.

يصف صبيح ما جاء في مقالتي بأنه "نشر الغسيل" –وهو لم يستعمل عبارة "الغسيل الوسخ"، 

ربما يعتبر أن ما قام به الوزير ليس غسيلا وسخا، أو يقصد أنه غسيل فحسب، ربما هو لا 

يعرف إذا كان الغسيل وسخا أم نظيفا، أو أنه لا يريد أن يظهر أي موقف تجاه ما قام الوزير 

من تحرش جنسي. من المؤكد أنه يقصد الغسيل الذي ينشر بعد غسله ليجف بحرارة الشمس. 

وهذه ملاحظة لا يختلف عليها إثنان، لو اتبعنا نصيحة صبيح، لبقي غسيلنا مبللا في غرف 

نومنا، ويتعفن ونتعفن أيضا. أقول لـ صبيح إن الغسيل هو للنشر والتجفيف. 

مارست هذا الإسلوب الفعال في كتابة ونشر عشرات بل مئات المقالات في العديد من الصحف 

المحلية والعربية والعالمية، ومنها صحيفة الفجر التي كانت تمول من قبل حركة فتح وصحيفة 

النهار المقدسية، وصحيفتا الحياة  والقدس العربي اللندنيتان، ووكالة الاسوشيتدبرس 

الأمريكية، وصحف الاندبندنت، والديلي تلغراف والبوسطن غلوب.

كلفني "نشر الغسيل"- وسخا كان أم نظيفا-، الطرد من صحيفة الفجر وكذلك من صحيفة النهار، 

ووكالة "الاسوشيتدبرس الأمريكية". أذكر أن صحيفة الفجر وبعض الصحف المحلية الأخرى 

شنت حملة ضدي لكتابتي مقالة تنتقد تقاعس الصحفيين واكتفائهم بنشر مقالة مترجمة تفردت 

فيها صحيفة حداشوت الإسرائيلية عن مذبحة الدوايمة عام 1948.

واقتبست الصحف الإسرائيلية بعض ما جاء في مقالتي.فثارت ثائرة بعض الصحفيين    

المساندين للنظام القائم أنذاك، الذين دبجوا  المقالات خدمة  لنظرية "عدم نشر الغسيل الوسخ".
لم يكتب أحد عن الثمن الذي دفعته عندما طردني مدير مكتب وكالة الاسوشيتدبرس بالقدس 

لأنني اعترضت على التغطية الإعلامية ذات التوجه الصهيوني الذي مارسه مكتب الوكالة. قبل 

ذلك بسنوات انتقدت فساد المسؤولين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والقيادة في تونس في 

صحيفة النهار، وعندما وجهت سهام نقدي إلى الملك حسين، طردت من صحيفة النهار التي 

كانت تمولها المخابرات الأردنية.

طردت أو تركت العمل في نحو 13 صحيفة وذلك لإصراري وتمسكي بالمبادىء المهنية، وفشلت 

كل محاولاتي للعمل في أي صحيفة محلية، وذلك لمعرفة المحررين مسبقا بأنني أحترم مهنة 

الصحافة ودورها. الجميع يعلم أنني لا أجيد الرقص على صفحات الصحف، وليس لدي، بين 

ملايين الجينات التي أحملها، جينا خاصا بالرقص. أنشأت مدونة "المحقق الفلسطيني" لكي 

أنشر ما تحجم الصحافة الرسمية عن نشره. 


والصحافة – لمن يعلم أو لا يعلم- هي سلطة من سلطات الردع المجتمعي، وهي كذلك في معظم 

المجتمعات الحية، ولكنها بوق لاستخدامات السلطة التنفيذية في مجتمعات الدول الفاشلة، مثل 

المجتمع الفلسطيني الذي تهاجم فيه القوى الحية بشراسة.

اذن، لماذا يريد صبيح وكذلك الرئيس التستر على هذه الجريمة؟
الإجابة لأن مقالتي عن جريمة التحرش الجنسي الذي مارسها الوزير تتحدث عن تفاصيل محددة.

في هذه المقالة أتساءل: متى تتغير يا سيادة الرئيس؟  وأقصد متى تتوقف، أيها الرئيس، عن 

التستر عن العقداء والألوية والوزراء الفاسدين من أمثال حسين الشيخ؟ 

وأقصد أيضا ان هناك تشابه بين ما قاله الرئيس:"مش ناقصنا فضايح، واللي فينا امكفينا"، 

وما قاله صبيح على صفحته في الفيسبوك: "عيب يا جماعه والله عيب اللي بصير... ألخ ".

الرئيس لا يريد للموضوع أن يخرج للعلن لأنه يخشى أن تخسر حركة فتح في الانتخابات 

الرئاسية والبلدية المقبلة، وصبيح يردد كالببغاء تأييده لممارسة خاطئة يمارسها المجتمع الذي 

يُحرم الخوض في قضايا الشرف حماية لما يسميه "عفة وشرف" الضحية. وهو يتهمني، دون 

أدنى تبصر بأنني أشيع "ثقافة الموت".

أقول له: أهذا ما آل إليه فكر اليسار الفلسطيني الذي تنتمي إليه أم هذا هو فهمك الضيق 

والمحدود للفكر التقدمي الذي ينتصر لقيم الانسان الحر، ولا يخضع لقيم العبودية والخضوع؟ ألا 

تدرك يا صبيح أنك تدعو إلى ثقافة الموت!

متى تفهم أن اليسار يعني الانتفاض على الظالم المستبد. وأن اليسار هو علي بن أبي طالب 

والحسين بن علي وأبو ذر الغفاري، وواصل بن عطاء وعبد القادر الجزائري، وعمر المختار، 

والسلسلة طويلة من الأسماء الكبيرة إلى أن نصل إلى اسم صغير في موقعه كبير في معناه 

وهو إيمان أبو العم، 27 عاما، مبرمجة شبكات الكمبيوتر، وخريجة جامعة بيرزيت. قالت 

إيمان أبو العم: لا.. لا، أيها الوزير، أنا لست جارية من جواريك.  
وكم هي صاعقة ومدوية تلك الـ لا التي قالتها. هذه الـ لا هزت عرش "سعادة" الوزير. 

كيف تقبل، أيها الرجل اليساري المؤمن بالعروبة، أن تصمت الزوجة ويسكت الزوج ويرضخان 

لرغبات وتهديدات الوزير. يخيل لي أنك ستصمت لو حدث لزوجتك ما حدث لزوجة  أبي العم - لا 

سمح الله- وتقبل بالقرشين الذي يقدمهما لك الشيخ.

إن نشر هذه المقالة، يا صبيح، لا "يدمر عفة وشرف أخت لنا"، كما تدعي، بل إن عدم نشر 

الحقائق عن هذه القضية يدمر عفة وشرف أخريات، لأن سعادته انتهك اعراض أخريات، قبلها، 

وهناك الكثير من الإشاعات عن جرائمه. هذه الإشاعات تضر بالنسيج الاجتماعي، وتدمر الثقة 

بين الناس، وتبعث الموت في المجتمع.

لعل هذا ما قصده السيد الرئيس بخشيته بأن حركته ستخسر الانتخابات، إن كشفت تفاصيل 

جريمة الوزير. وأخطأ الرئيس في نظرته هذه، لأنه لو انتصر للمظلوم، لو وقف مع الحق، سيفوز 

في الانتخابات.

أقول للرئيس وأي شخص يشيع ثقافة التستر، إن التستر هو خوف، والخائف يستسلم 

والاستسلام ثقافة ومنهج، وهي ثقافة الموت. إن الذين قارعوا الظالمين تحولوا إلى منارات، ولا 

يذكر أحد الجبناء. أضيف أيها الرئيس: عندما تستسلم، أنت تمارس موتك ولو كنت حيا، ولديك 

كل شيء، وعندما تقاوم أنت تمارس حياتك، ولو كنت معدما.

أبو العم وزوجه إيمان يقاومان ويمارسان الحياة. عندما اكتب عن هذه القضية وغيرها إنني 

أمارس حياتي بكل عنفوان.  

أقول للرئيس : إن حركة فتح وأنت رئيسها، ستنجح في الانتخابات، اذا انتصرت الحركة 

للمظلومين. وستفشل لأنك طلبت من صاحبيك أن يلما الموضوع ويتسترا عليه. وهكذا فعلا. قام 

جهاز الاستخبارات العسكرية بمحاولة إجبار والد إيمان التنازل عن حقوق ابنته، وأُجبر الرجل 

المسن على التوقيع على ورقة تبرأ الوزير، وتزعم أن أبا العم وزوجته يريدان الإيقاع بسعادة 

الوزير. فشل جهاز الاستخبارات العسكرية في المهمة. والفضل يعود إلى صمود وصلابة أحمد 

وزوجته إيمان.

اشترك العديد من الأشخاص، وأبرزهم فهمي شبانه، في حملة مساندة الزوجين. ولكني رأيت 

أن أكتب التفاصيل، أي أن أكسو العظام لحما. وهناك الكثير مما يجب فعله. وكان على سيادة 

الرئيس أن يقوم بالتحقيق بنفسه في هذه القضية، ويبادر فورا استدعاء الزوجة إلى مكتبه 

وسماع شهادتها، وأن يقوم بتشكيل لجنة تحقيق حقيقية وليست صورية. ولكنه لم يفعل.

أسألك يا سيادة الرئيس: كم عدد الوزراء والمسؤولين الذين جرت محاكمتهم علنا لارتكابهم 

جرائم الفساد بأنواعه الكثيرة؟
الاجابة: لا احد.
كم عدد المقالات المنشورة في صحفنا الرسمية التي تتحدث بالتفاصيل عن جرائم فساد 

المسؤولين؟
الإجابة  صفر.
كم مسؤول كشف لنا ذمته المالية؟
الإجابة لا أحد.
كم مسؤول أعلن عن فشله الإداري؟
الإجابة لا أحد.
هل أنت مستعد للإعتراف بأنك رفعت الأعباء الكثيرة عن كاهل الاحتلال بمشروع أوسلو الذي 

تسميه "مشروعا وطنيا"؟
الإجابة لم تفعلها حتى هذه اللحظة.
هل أنت مستعد لتقديم استقالتك لأن "مشروعك الوطني"  فشل فشلا ذريعا؟
هل يمكنك أن تذكر لي اسم لجنة تحقيق واحدة أدانت مسئولا وأعلنت نتائجها للعلن؟
أنت لن تستطيع. وإن كنت تستطيع أجبني. أنا فلسطيني ومكانتي ليست أقل من مكانتك، 

لأنني لم أدمر شعبي وقضيتي كما فعلت.

إنني أنتظر الإجابة على أسئلي.

نحن نحصد السراب يا سيادة الرئيس. وكل الأمور مرتبطة ومترابطة، هناك ترابط وثيق بين 

أنواع الفشل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأخلاقي وشأن هذه الفتاة المجاهدة العفيفة 

الطاهرة كأي شأن من شؤون الوطن. 
دافعت هذه المرأة بقوة وعزم وشهامة عن شرفها، ورفضت الرضوخ للإبتزاز والإغراء المالي، 

وفضلت أن تدفع الثمن، وتتشرد برفقة زوجها، الذي أصبحت حياته في خطر. ألم ينهض الزوج 

ويدافع عن الوطن في انتفاضة الأقصى؟ وهو الآن يدافع عن عرضه يا سيادة الرئيس. ما 

الفرق؟
إنها تستحق كل مساندة منا؟ إنها تستحق أن نقف إلى جانبها وجانب زوجها ، الذي رأى 

بوضوح أن النضال من أجل شرف الوطن، لا يختلف عن النضال من أجل شرف الزوجة والأبن 

والإبنة. لا فرق.

أسأل اليساري صبيح: ما هي النتيجة الناجمة عن الصمت الذي تسميه " عدم نشر الغسيل"؟

ليس لديك إجابة. حسنا، أجيبك : سيستمر الوزير في ارتكاب جرائم التحرش الجنسي ضد نساء 

أخريات.

أسألك أيضا: هل تقبل بهذه النتيجة؟

وتلوذ بالصمت.

أجيبك: إن كنت تقبلها فأنت "ديوث". وإن كنت لا تقبل بها، أخبرنا اذن: كيف ستردع الوزير 

وتمنعه عن ارتكاب هذه الجرائم؟

إنني أنتظر منك الإجابة.

وأنتظرها من جميع هؤلاء الذين يتسترون على جرائم التحرش الجنسي.

وأنتظرها من السيد الرئيس الذي قال لصاحبيه توفيق الطيراوي وماجد أبو فرج: ارجوكم لمو 

الموضوع ولا تجعلوه يتفاقم.

*سعيد الغزالي صحفي ومدون فلسطيني من مدينة القدس ينشر مقالاته وتحقيقاته في مدونة 

المحقق الفلسطيني





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق