تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

02‏/10‏/2012

أحمد أبو العم مناضل من أحل الحق


 (اللهم امنحني القدرة على التمييز بين الحق والباطل)
سعيد الغزالي*
أخ ، كاد قلمي أن يقع في الخطيئة، ويظلم أحمد رمضان أحمد علي أبو العم. هذا هو الاسم الخماسي له، وفي ذلك دلالة. الاسم يمتد منذ ثورة الـ 36 وإلى يومنا هذا، منذ زمن الصعود الفلسطيني، إلى الزمن الذي نحن فيه. كان الجد يجاهد ببندقيته الإنجليز والصهاينة، أصبح الحفيد في زمن النكوص يجاهد حماية لعرضه. في السابق، كان العدو صهيونيا، واليوم صار العدو محليا يسمي نفسه فلسطينيا ويحتل منصب وزير. 
أية مفارقة مفزعة! 
لم أعرف أبا العم ولم أبحث عن تاريخ أبيه وجده
، إلا بعدما كثر القول والخوض  في الإدعاء بقيام وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، بالتحرش بزوجته. وقرأت كل ما نشر في المواقع الإلكترونية، فلم يشف ذلك غليلي، فعمدت إلى الاتصال به، وأطلعني على تفاصيل حكايته، فكتبتها، وكان دويها عاليا. 
هناك مسيس حاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، غير متأثرة بالضغوطات، خصوصا أن القضاء في بلادنا، لم يجرم أي وزير أو أي مسؤول متورط في الفساد حتى هذه اللحظة ، وحركة فتح  التي شاخت قيادتها، بحاجة إلى دماء جديدة في عروقها. الوطن بحاجة إلى تغيير جذري في النهج والاتجاه ليس من أجل أبي العم فقط، بل من أجل المواطن الفلسطيني. 
دارت تساؤلات كثيرة في ذهني: لماذا لم أسمع ردودا من قبل نشطاء الحركة؟ هل انتهى دورها، على الصعيد الداخلي كما انتهى دورها على الصعيد النضالي، قبل سبع سنوات، بعد أن كانت قائدة النضال في الضفة الغربية؟  
يستحق أحمد أبو العم كل دعم، ليس لشخصه فقط بل من أجل أن المحافظة على ألا تهضم حقوق المواطنين، ويعاقب الجاني على فعلته.  
من هو أبو العم؟
أبو العم شاب فلسطيني، من مواليد مدينة القدس عام 1982ومن سكان مدينة رام الله والبيرة، وأصل عائلته من قرية قوليا، وارتبط جده أحمد علي أبو العم بالقائد الشيخ حسن سلامة المشهور في تاريخ النضال الفلسطيني الذي كان من أقربائه، واستشهد سلامة في الثاني من حزيران عام  1948 ودفن في مسجد القرية. 
امتلكت عائلة أبي العم  منزلا في القرية الواقعة على بعد 30 كيلو مترا جنوب مدينة يافا قبل نكبة عام 1948. أحمد أبو العم يحمل تاريخ وذكريات نضال جده ضد الصهاينة الذين دمروا القرية بعد احتلالها. مساحة أراضيها أكثر من أربعة آلاف دونم،  مُحيت القرية عن وجه الأرض، وبني على أنقاضها موشاف جفعات كواح. يعلم الحفيد ما حدث بالضبط في القرية، فقد نقل الأب عن الجد إليه كيف تم طرد وتهجير أهل القرية من بيوتهم. كان ذلك في شهر رمضان. خرج أهالي القرية، قبيل اقتحامها من قبل قوات الصهاينة، وبقي المقاومون يحاولون صد الهجوم. وسقطت القرية ودمرت عن بكرة أبيها ولم يبق إلا برج ومقام ولي. 
كان جده أحمد علي أبو العم قائدا من قادة ثورة الـ 36 وأسندت إليه وللشهيد حسن سلامة مهمات جهادية بعد استشهاد القائد عبد القادر الحسيني. 
بعد إنهاء الحفيد التعليم الثانوي، شارك أحمد أبو العم في العديد من الدورات العسكرية في معسكرات ومقرات السلطة الفلسطينية في أريحا ورام الله والخارج.  وعمل في جهاز الوحدات الخاصة، وشغل مناصب إدارية وقيادية في حركة فتح، والمخابرات العامة والمنظمات الشعبية، وكان محاصرا إلى جانب القائد ياسر عرفات من قبل القوات الاسرائيلية، برفقة إخوانه في كتائب شهداء الأقصى في المقاطعة، برام الله، وبقي مطلوبا للقوات الإسرائيلية أربع سنوات منذ بداية الانتفاضة الثانية، وتعرض خلالها لمحاولتي اغتيال. وبعد صفقة حل كتائب شهداء الأقصى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كان أبو العم أحد هؤلاء المناضلين، الذين وافقوا على أن يُعطي الرئيس محمود عباس فرصة التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل . يقول أبو العم " أصبحنا نعيش بحرية وأمن، بعد مجيء الرئيس، ووافقنا على الهدنة، لنعطيه فرصة التوصل إلى حل سياسي".  
أكمل أبو العم بعد ذلك دراسته في جامعة بير زيت، متخصصا في العلوم السياسية والإدارة العامة وشغل بعد ذلك منصب مدير العمليات في وزارة الشؤون المدنية. 
يُعرفُ أبو العم نفسه بـ" أنني فتحاوي من أول يوم في ميلادي إلى آخر يوم في حياتي". 
ورؤيته السياسية بسيطة وواضحة حيث يقول "فلسطين كلها لنا من حرف الـ "فاء" إلى حرف الـ "النون". وهو يريد تحرير كل فلسطين، ويقبل أن يعيش اليهود إلى جانب المسيحيين والمسلمين في فلسطين في حب وسلام وأمن".  
هذه باختصار خلفية هذا المناضل الذي تحرش وزير الشؤون المدنية بزوجته. 
وجهت أسئلة إلى ثلاثة أشخاص من رفاق الدرب القدامى. وكان القاسم المشترك في إجاباتهم أنهم يدعمونه ويريدونه أن يلجأ للقضاء.
وجهت أسألتي لـ أمجد أبو لطيفة، أحد قادة حركة فتح في السجون الإسرائيلية: ماذا فعلتم بقضية أبي العم؟ 
أجابني: "وجهنا رسائل وتحدثنا مع شخصيات عديدة، وحذرناهم من مغبة المساس بنساء المناضلين، والمس بالعرض جريمة لا تغتفر. أضاف: "إن المسألة يجب أن تترك للقضاء".
عاد أبو العم إلى رام الله، يوم الثلاثاء ولا يزال مصرا على نيل حقه. 
*سعيد الغزالي صحفي فلسطيني يعيش في مدينة القدس وينشر مقالاته وتحقيقاته في مدونة المحقق الفلسطيني. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق