تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

02‏/03‏/2012

مهازل اوسلو - الحلقة الثانية - عودة الثوار إلى الوطن


عادوا إلى أرض الوطن ليحضنهم ، واعتقد بعضنا أن "نضالهم" جزء لا يتجزأ من نضالنا، وأنهم جناح الثورة في الخارج، ونحن جناحها في الداخل، وأن نسر الثورة سيطير ويحلق بجناحيه عاليا في سماء المجد، ويحط في الوطن، وسنتمكن من إنشاء دولتنا الفلسطينية المستقلة، الخالية من الفساد والمفسدين.
عاد إخواننا، بعد حروب أهلية ومآسي وانكسارات في الأردن ولبنان، مسحنا جراحهم، وشددنا من عزائمهم، كان اتفاقهم مع الأعداء مذلا، وقال بعضنا بمرارة: معهم حق، لقد خذلتهم الأنظمة العربية، سنشد على أياديهم، ونحول اتفاق الذل في أوسلو، بوحدتنا وحرصنا على تطبيق مبادئ  الحوكمة  الرشيدة إلى اتفاق يحفظ حقوقنا.

لم نكن نعلم - بكلام أكثر دقة، لم تكن الغالبية العظمى من أبناء شعب فلسطين تعلم - أن قادتنا الثوار فاسدون حتى نخاع عظامهم، وقرونهم تطال الغيوم، وبطونهم منتفخة كالبراميل التي تحفظ فيها أسماك السردين، مخادعون وكاذبون، زعماء فهلويون، يفعلون عكس ما يقولون، ويأكلون المال الحرام، ويظلمون الناس، خُدعنا بخطاباتهم وبياناتهم، صدقنا وعودهم وشعاراتهم عن الثورة وتحرير الأرض والإنسان، وحلمنا بفلسطين المحررة، ووطن الكرامة والحرية، وقبل أن يعودوا إلى الضفة الغربية وقطاع  غزة، بأكثر من عقدين، ناضلنا وسجنا، وهدمت سلطات الاحتلال الكثير من منازلنا ومصانعنا ومزارعنا ومساجدنا، صودرت أراضينا وأقيمت عليها المستوطنات، كانت حياتنا ضنكا، بلا كرامة، ولا حرية، ففاض كيلنا وفجرنا انتفاضتنا الأولى.

عاد إخواننا وقالوا: كفاكم قتالا، سنحرر البلاد وننقذكم مما انتم فيه بلا قتال، ولا تضحيات، اقعدوا في بيوتكم واستريحوا، ونحن نجلس ونتفاوض نيابة عنكم، وعن كل شعبنا، فجلسوا و"تمرمطوا" بل "تشرمطوا" على حساب القضية، عذبوا أنفسهم وعذبونا معهم، وكانت النتيجة شيوع الفساد في مؤسسات الحكم الإداري بقيادة الثوار السابقين ومن والاهم الذين خانوا ونسقوا أمنيا مع الاحتلال، وفشل الثوار في انتزاع أي حق من حقوقنا، بل قدموا تنازلات مجانية، آملين أن يعطف عليهم الاحتلال، ويمنحهم بعضا من الصلاحيات، فأعطاهم صلاحية التعالي على شعبهم، ونهبه وقمعه، تحالف ثوار اوسلو مع بعض أبناء الداخل الذين كانوا فاسدين مثلهم، لكنهم سقطوا في مستنقع الفساد ونهبوا البلاد وتمزقت قلوبنا، وذهبت نفوسنا هباءً ، ولما سقطوا في الهاوية، سقطنا معهم.

سقط هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ثوارا ومناضلين، وهوت هيبتهم إلى الحضيض، سقطوا عندما أقاموا كيانا فاسدا، خائنا، متعاونا مع الاحتلال سياسيا وأمنيا ضد أبناء شعبهم، سقطوا عندما اعتمدوا على مؤسسات خاوية على عروشها وفاسدة، وتهافتوا عندما أماتوا العزيمة في قلوب أبناء شعب فلسطين. انزلقوا إلى درب الخطيئة عندما انضموا إلى معسكر الأعداء.
  هذه هي حكايتهم، حكاية نذالة ومهزلة ضياع، نُسجت من خيوط الهزيمة، والمؤامرة، أبطالها رجال مهزومون هاماتهم منكسرة، أذلاء ومهزومون.
كنت واحداً من هؤلاء الآخرين وكنت من الداخل واسمي أحمد الدهمان، ولي قريب ليس بأفضل مني اسمه ساري حبيبه، وابن عمي هذا.....
يتبع في الحلقة الثالثة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق