تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

31‏/03‏/2012

كلمات أشد وقعا من الحسام المهند


كلمات أشد وقعا من الحسام المهند
-1-
كم أكره أن أعيش في قمقم مختوم بختم الخضوع للأمر الواقع.
-2-
قال مدرس مادة التاريخ من مخيم جنين إن المواطنين في المخيم يرفضون الأفكار الجديدة التي يطرحها مسرح الحرية الذي أسسه جوليانو بن أرنا، الذي قتل في المخيم في الرابع من نيسان العام الماضي. 
وصل جوليانو بن أرنا اليهودية وخميس الفلسطيني إلى جنين قبل عدة سنوات وأسس مسرح الحرية ليعلم أطفال المخيم فنون التصوير والرسم والتمثيل والموسيقى، ويقنعهم بمقاومة الاحتلال بوسائل 



جديدة، منها ممارسة الفن وامتلاك المعرفة. لم تلق هذه الفكرة قبولا لدى الغالبية العظمى من المواطنين في المخيم، الذين اعتبروا جوليانو وجها آخر للاحتلال الذي استخدم القوة المفرطة ضدهم، ثم بدأ 


بممارسة تطويعهم وتدجينهم للتخلي عن أفكار المقاومة، والدخول في متاهات العولمة. بعبارة أخرى كما يقول أحد المواطنين، أخطأ جوليانو في اختيار الوقت المناسب، والطريقة المناسبة لطرح أفكار 


جديدة ونشرها في المخيم، دون أن يتهيأ المواطن نفسيا وفكريا واجتماعيا وحياتيا لقبولها.  
-3- 
قتل جوليانو وفي حضنه ابنه وهو يقود سيارته، وإلى جانبه جلست مربية أطفال، عندما أطلق ملثم ثلاث رصاصات عليه، ورغم مرور عام على مقتله، بالقرب من مقر المسرح , وبرغم التحقيقات 


المكثفة التي أجراها فريق إسرائيلي وآخر فلسطيني، لم يكشف النقاب عن القاتل الملثم، ولم تعرف حتى هذه اللحظة حيثيات ودوافع ارتكاب هذه الجريمة. من الجدير ذكره، أنه جرت أربع محاولات 


لحرق المسرح، ووجهت تهديدات إلى جوليانو.  
-4-
قال محافظ مدينة جنين قدوره موسى إنه لم يعلم بهذه المحاولات ولم يسمع شيئا عن التهديدات. وفي المخيم ينكرون معرفتهم بدوافع الجريمة، لكنهم يعتقدون أن مسرح الحرية يشجع على الاختلاط بين 


الجنسين، ويعتبرون ذلك تهديدا لمعتقداتهم الدينية. 
-5-
في السياق ذاته، قال احد المواطنين وهو حلاق من مدينة أريحا، إن الناس في فلسطين يخشون من أية فكرة جديدة ولا يقبلون بها، بل يعملون على إفشالها، مهما كانت نافعة لهم، ولا بد من فرضها عليهم 


بالقوة وليس بالإقناع. هذه إشارة واضحة إلى الجبرية التاريخية التي عانت منها شعوب المنطقة منذ مئات السنين. وقال صيدلي من المخيم،إنه يتقن فن الغناء، ويمارسه سرا داخل بيته، ولا يجرؤ على 


الغناء أمام جمهور  في قاعة عامة، خشية أن ينتقده الناس، لأن الناس في المخيم لا يعيشون حياة طبيعية، وجروحهم من جراء الضربات العسكرية الإسرائيلية المتتالية لم تندمل ، والأوضاع الاقتصادية 


بائسة، والأمل بحصول انفراج سياسي بعيد عن المخيم كبعد الكوكب العاشر عن الأرض.
-6-
في سياق آخر، يعترف محافظ مدينة جنين أن الذين صاغوا اتفاق باريس الاقتصادي من الفلسطينيين "العباقرة" لم يكن لديهم أي صلة أو معرفة بالواقع الاقتصادي في الأراضي المحتلة. كان يتحدث عن 


ستة عشر ألف خريج جامعي عاطل عن العمل، وأربعة آلاف خريج آخر، ينضم إلى سوق البطالة كل عام. 
-7-
يستخدم معظمنا مفهوم "المشروع الوطني" دون أن يفهم أنه تغير من المعنى إلى ضده، من تحرير الأرض والإنسان إلى بيع الأرض واستعباد الإنسان وإفقاره. 
-8-
الحل النهائي الذي تريد إسرائيل تنفيذه للقضية الفلسطينية هو إنشاء شركة مقاولات فلسطينية بإشراف وإدارة إسرائيلية على جزء من الأراضي الفلسطينية: تدفع الدول المانحة رأس المال للبنية 


التحتية والنفقات،المدير التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة فلسطينيون ، يخضعون كرها أو طوعا لتعليمات الحكومة الإسرائيلية، الحراس فلسطينيون يعملون بإمرة ضابط أمني إسرائيلي كبير، الأرباح 


مادية وسياسية ومعنوية تحصدها الحكومة الإسرائيلية، أهمها، السيطرة على الأراضي الفلسطينية، إلقاء أعباء إدارة الشؤون الداخلية على الفلسطينيين، تصفية القضية الفلسطينية، مقابل عمولات 


وسمسرة يقبضها مجلس إدارة الشركة  وعصابة منظمة التحرير ومن لف لفهم، منتجات شركة المقاولات: استمرار الاحتلال، زيادة أعداد المستوطنات والمستوطنين، سلخ القدس تماما عن الضفة 


الغربية، ومحاصرتها بالحواجز والبوابات، إسقاط حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ضرب المقاومة، إعادة برمجة عقولنا ونفوسنا على قبول الاحتلال وسلطة الفساد وضياع فلسطين.   
-9-
أصبحت منتجات هذه الشركة مكونات أساسية في "المشروع الوطني" الفلسطيني، وهي قمامة سامة,نتنفسها هواءً ونشربها ماءً ونتغذى عليها فسادا وخيانة وضياعا.
-10-
المعارضون إقامة شركة المقاولات الفلسطينية متطرفون وإرهابيون ولا يحبون السلام.
-11-
يقولون إنها سلطة وطنية, نقول: عيب أن نسميها سلطة وطنية، بل مجموعة من التجار والسماسرة الذين يضعون على رؤوسهم قبعات عليها خارطة فلسطين وكثير من الشعارات الكاذبة، ومناضلون 


سابقون تعبوا من النضال، وبلطجية، وانتهازيون أرادوا استثمار مواقعهم في منظمة التحرير أو في المؤسسات والجمعيات ومخدوعون من المقاتلين في صفوف حركة فتح وبعض المنتفعين من اليسار 


واليمين. 
يقولون هناك مئات من الجمعيات الخيرية والإنسانية العاملة في الأراضي المحتلة، ما يعني تبلور مجتمع مدني ، نقول:عيب أن نسميه مجتمعا مدنيا, بل دكاكين متناحرة على الغنائم, تتاجر بالمبادئ 


والشعارات, وتعمل بـ "الرموت كنترول" وتنفذ برامج خادعة ليست من الأولويات والضروريات التي يحتاج لها شعبنا. 
يصفون  أيضا الاقتصاد بأنه اقتصاد وطني, ونقول: عيب أن نسميه كذلك, بل يجب أن نسميه باسمه الحقيقي: اقتصاد التسول. 
-12-
المشاعر الوطنية أحاسيس جميلة نحسها تجاه الوطن والناس, ولكنها تموت عندما يتحول هذا الوطن إلى مكب قمامة, مخلفات أفكار, شراذم أرض، إحباطات لا متناهية, هزائم متكررة, استيطان مستمر, 


نهب ولصوصية وبغاء، تدمير اقتصادي ممنهج، رزم أكاذيب, اتفاقات أضاليل, فساد سياسي ومالي وإداري وأخلاقي, انتهاكات فاضحة للمبادئ, مصائب, ضياع للأمل, تسيب وفوضى, أضف ما شئت 


من القاذورات والآفات. 
-13-
عندما يتفاوض المهزوم مع المنتصر يملي الأخير شروطه على الأول، وتسمى الاتفاقية الموقعة بينهما اتفاقية استسلام، هذا ينطبق على اتفاقات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، ولكن المهزوم وهي 


سلطة الحكم الذاتي تحاول تسويق الاستسلام على أنه واقعية سياسية. 
-14-
السلطة جاءت لتنقذ الاحتلال وتحمل عنه أعباء احتلاله، وتحميه من "إرهاب" الانتفاضة الأولى, وتريحه من تحمل نفقات إدارة شؤون شعب تحت الاحتلال, فحملت السلطة على عاتقها حملا أثقل من 


قدرتها، وقامت بإدارة شؤون المواطنين الصحية والتعليمية والخدمية, بأموال الضرائب والجمارك والدول المانحة. تفعل ذلك دون أن تفقد "وطنيتها", ولم تكن إدارتها ناجحة لتفشي الفساد فيها. وهذا 


أمر لا يصدق. 
-15-
لم تتمكن السلطة من التخلص من نفايات الاحتلال, ومياهه العادمة، ومخلفاته الكيماوية, وأتربته وغباره المنتشر في كل مكان. 
-16-
هناك إفراط في استخدام "مخصبات الاحتلال السياسية", التي ينجم عنها آفات التلوث, ونظرا للزيادة الكبيرة في عدد السكان, وضيق رقعة الوطن, تلوثت التربة والهواء والماء, أصيبت الطبقة 


السطحية من التربة بتشققات, وساعدت عوامل التعرية من رياح التمرد وأمطار التغيير وعواصف الانتفاضتين على جرفها وإزالتها.  منعنا الاحتلال, من بناء أنظمة ري حديثة لصرف المياه الزائدة, 


والتقليل من تفتيت التربة وتشققاتها وعمليات الجرف، وأقام جدرانا فاصلة وعازلة، ثم جلس على طاولة المفاوضات وقال: هذه هي شروطي، ولكم الخيار أن تقبلوها، أو لا تقبلوها، والأمر سيان عندي، 


وفي كلتا الحالتين، أحوالكم لن تتغير. ستأكلون وتشربون ما أعطيكم، ولن تتحركوا من مكان لآخر إلا بإذني، فإن تمرد شعبكم، سأقتل الكثير من أفراده وأسجن الآلاف منهم، وأعيد قيادتكم من حيث أتيت. 


وقيادتكم لا تريد أن تفقد المنافع ومنها بطاقات الـ "في أي بي" والمشاريع الاقتصادية الاحتكارية.
-17- 
الغبار والرمال السياسية الزاحفة من مؤتمرات الدول المانحة, ومن المصانع والكسارات والدخان الكثيف الناتج عن استمرار النزاعات والمناكفات السياسية بين الفصائل والعشائر يزيد من بؤس الحياة 


في فلسطين. البحر يجرف كميات هائلة من الرمال الذهبية الصفراء في شواطئ قطاع غزة, ولا زالت سلطة حماس تلقي مخلفات التركيع في أماكن  متفرقة من الشواطئ. المياه العادمة القادمة من 


المستوطنات تتسرب إلى البحر. هناك كميات هائلة من النفايات العائلية والفصائلية المتكدسة على الشواطئ. فقدنا أكثر من 25 مليون متر مكعب من الرمال. أقيمت مقالع الاستيطان على مقربة من 


التجمعات السكانية, والاراضي الزراعية في الضفة الغربية. انفجارات مستمرة وغيوم من الغبار وضجيج وإزعاج على مدار الساعة, مساحات شاسعة من الأراضي تضيع من أجل حماية أمن 


إسرائيل,ورسم خارطة إسرائيل لحدود دولة الحكم الذاتي، هناك تغييرات في مكونات مجاري الينابيع, لم تعد المياه الوطنية العذبة صالحة للشرب أو للزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. 


-18-
الأرض أرضنا, والقمح قمحنا, والماء ماؤنا, والهواء هواؤنا, بيد أن قيادتنا قبلت أن تدفع أثمانها للعدو, واشترينا قمحنا وماءنا وهواءنا, بالدولار الأمريكي, وضمانة "اليورو" الأوروبي, وكان للريال 


السعودي والعملة القطرية دورا لا يمكن تجاهله, وتغذينا على قمامة القروض والمساعدات وتعهدنا بالمحافظة على أمن إسرائيل. 


-19-
أسهل شيء أن أقول أن الاحتلال هو المسؤول عن كل فشلنا. وما أصاب الشعب الفلسطيني من نكبات وهزائم لا يعفيه من توجيه اللوم إلى نفسه. 
-20-
أيتها النفس المتمردة, أخرجي للناس وأشهري سيف النقد دون حساب للربح والخسارة. لقد فقدت الأشياء معانيها الأصلية، فحياة العبد ليست ربحا، وموت الحر ليس خسارة.
-21-
أيتها الشعوب المقهورة, لا يريد قاهروك أن تسأليهم عما يفعلون, العبيد لا يسألون, ولا يطلبون الحرية, ولا يتمردون, فقط هم الأحرار الذين يثورون ويغيرون واقعهم.  
-22-
وصلت الأمور إلى مفترق طرق: إما أن يتوقف هذا العبث المهين للشعب, أو  تنفجر الثورة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق