تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

02‏/02‏/2012

لماذا تأسست مدونة "المحقق:؟






إن التحقيق في قضايا الفساد مدخل صعب قد يؤدي إلى جهنم من الصعاب والمشاكل, وأتوقع أن أواجه جبالا من العراقيل, أولها وأهمها الحصول على معلومات دقيقة ووثائق موثوقة من مصادر أمينة, فالفاسدون يبرعون في إخفاء فسادهم وجرائمهم. فإن كان هؤلاء الفاسدون هم المتنفذون, فإنهم يخفون فسادهم بعنجهية

ويستخدمون أدواتهم الإعلامية والأمنية ونفوذهم لاسكات أصوات الحق. 
إنهم يستخدمون اسلوب التشهير الرخيص, فيتهمون الشرفاء الذين يكشفون قضايا الفساد بالعمالة والجاسوسية, بينما يخفون صفقاتهم ومشاوراتهم وتنازلاتهم في مفاوضاتهم السرية, ويعتبرونها جزءا من مشروعهم الوطني المزعوم. 
ثم يزعمون أن هؤلاء الباحثين عن الحقيقة, يخدمون أجندات خارجية, ويقولون أحيانا, إنهم يخالفون القانون. 
لكن حملات التشهير لا ينبغي أن تمنع المواطنين الشرفاء من الاستمرار في عملهم من أجل كشف الفساد, لذلك, لا أرى في قيام المواطنين الشرفاء بملاحقة الفساد والفاسدين قانونيا وإعلاميا خروجا على القانون, بل تطبيقا له,  ويحق لأي مواطن يتمتع بالنزاهة, ولم يرتكب جناية يعاقب عليها القانون أو عملا مخلا بالآداب والشرف, أن يحاسب المسؤولين على فسادهم, أو تقاعسهم في أداء مهماتهم.
فإن كان يحق للمواطن, الذي يطلق عليه في كثير من بلدان العالم وصف دافع الضريبة, أن يحاسب المسؤولين في الدولة, فإنه من حق الإعلامي أيضا أن يفعل نفس الشيء, ويكشف فساد المسؤولين من خلال الوسائل الإعلامية, لذلك أعتبر فضح الفساد يقع ضمن مهماتنا, كإعلاميين فلسطينيين, يقومون بواجبهم المهني والوطني, لأن الصحفي الملتزم بقضايا وطنه, هو ذلك الإعلامي الذي لا يغلق عينه, ولا يصم اذنه, ولا يسكت قلمه بالامتناع عن ملاحقة عمليات نهب المال العام وإساءة استخدام السلطة بل يراقب الخلل في أداء الأفراد العاملين في السلطة التنفيذية, أو القضائية أو التشريعية, ويكشفه للرأي العام.
يزعم البعض أن الخيانة الوطنية أخطر من الفساد, وأن التركيز على الخلل السياسي أهم من التركيز على قضايا الفساد, ولكني اعارض هذا الرأي, معتقدا أن الفساد المالي والإداري يقود إلى الفساد السياسي, والفساد السياسي يؤدي إلى الخيانة الوطنية. واقع حالنا يشير إلى أن هناك فسادا ماليا وإداريا وسياسيا يضعف النسيج الاجتماعي, ويدمر مستقبلنا ومستقبل أبنائنا, إننا نشهد التردي  في أوضاعنا الأمنية والاقتصادية والسياسية, فقد وصلت قضيتنا إلى الهاوية, بل سقطت فيها.
جرى كل ذلك تحت أنظار الإعلاميين الفلسطينيين والعرب والأجانب. ولم نسمع إلا أصواتا قليلة هنا وهناك تندد بما يجري. وهذا ما يطعن في مصداقية الإعلام الرسمي المحلي, والعربي, وكذلك الإعلام العالمي, فقد تحول الإعلاميون إلى أبواق تنعق في أرض الخراب, إن من لا ينظر من منظار الحق الإنساني, حق كل إنسان أن يعيش بكرامة, وأن ينال كافة حقوقة الانسانية, يسهل عليه ألتخلي عن قيم الحق والعدالة.
إن الإعلام المهني والوطني هو السلطة الرابعة. والإعلامي الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يرفض تحقيق مصالحه الذاتية على حساب غض الطرف عن الفاسدين.عملت صحافيا في الصحافة المحلية الفلسطينية والعربية والعالمية, منذ عام 1981, وبقيت ملتزما بقواعد المهنة, ولم أحد عنها, وخلال مسيرتي, وجدت أن وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية أيضا, ليست طاهرة نقية, بل تستخدم في كثير من الأحيان كأبواق لخدمة أهواء ومصالح حكومات وشركات وأحزاب. لا أضع جميع الاعلاميين فلسطينيين وعربا وأجانب في سلة واحدة, بل أقر بوجود الكثيرين من الإعلاميين الذين حافظوا على تمسكهم بقواعد المهنة, ولم يخونوا ضمائرهم. ولم يسعوا إلى خدمة مصالحهم الذاتية.
هذه هي دوافعي وراء تأسيس مدونة "المحقق" الذي آمل أن يكون منبرا لتأكيد الحق وإزهاق الباطل. إنني أعمل من منطلق ذاتي محض, ولم أحصل على مال, وأدفع من جيبي ثمن المصاريف من نفقات هاتف ومواصلات, وكذلك أقتطع من الوقت الذي يجب أن أستغله لكسب قوت عائلتي, من أجل خدمة القيام بتحقيقات ميدانية لقضايا محددة.
أقول هذا ليس بغرض الاستجداء من أحد, فأنا أرفض المال السياسي, لأنه يحولني إلى بوق, تماما مثل المال الذي تتلقاه السلطة الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني, التي تحولت إلى أجهزة وأدوات لخدمة أجندات سياسية واجتماعية وأيديولوجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق