تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

14‏/02‏/2012

صفعة قلم

 يكتبها المحقق الصحفي سعيد الغزالي

نكافح الفساد بتغيير القسم
نظر سعادة الوزير زياد أبو زياد وزير شؤون القدس السابق , بعين الرئيس الراحل أبو عمار, ووضع يده على المصحف الشريف, وأقسم اليمين القانونية أمامه, وأصبح بعدها وزيرا, ويجب أن نصدق كل ما قال وفعل سعادته, بعد أن أقسم اليمين, بأنه لن يخون الأمانة.
أعرف سعادته, منذ سنوات طويلة, عندما كان يكتب ويحرر في صحيفة الفجر المقدسية, وكنت أعمل فيها, أذكر أنه قد وضع اسمي مرة في خبر نشره في مجلة سياسية اسبوعية في قائمة "شخصيات وطنية", بعد مشاركتي في اجتماع مناهض للإحتلال. ولم يكررها. قلت في نفسي, في ذلك الوقت: لعل معاييره لتحديد "الشخصية الوطنية" لا تنطبق عليً.
مرت الأيام, والتقيته مرارا في مناسبات عديدة, كنا نتبادل التحية. وأصبح عضوا للمجلس التشريعي, في أول انتخابات تشريعية فلسطينية عام 1996, أذكر أنه طالب الرئيس في الجلسة الأولى باسترداد مبلغ 1000 دولار الذي دفعه كل عضو رشح نفسه للإنتخابات. فالفائز منهم يسترد ما دفع, والخاسر يخسر المبلغ. أذكر أن أبو عمار قال له ساخرا : "راجع وزير المالية", والكل يعلم أن وزير المالية محمد زهدي النشاشيبي ليس له صلاحيات بصرف المال دون موافقة الرئيس.
صعد سعادته سلم العلى والمجد من عضو في التشريعي, إلى وزير لشؤون القدس في عهد الرئيس الراحل وعهد الرئيس الحالي, وقبل أن يصبح وزيرا صادفته في أحد الأيام في العيزرية يقود سيارة جيب, فقلت في نفسي: "أنعم الله عليه بعضوية التشريعي وسيارة الجيب, اللهم لا حسد".
مرت الأيام وقرأت مقالة تلميعية عنه, نشرت في موقع الجزيرة في 4 ديسمبر عام 2009, وقد وصف الصحفي الألمعي أبو زياد بـ "القيادي المقدسي", وظهر من تصريحاته أن سعادته حريص على القدس,  فقد صرح "أن دائرة شؤون القدس أو غيرها هي مسميات فقط لا معنى لها, وأن تشكيلها لا يأتي استجابة لما تتعرض له المدينة, وإنما تعبير عن حالة إفلاس للحفاظ عليها والتفاعل معها ومحاولة لتبرئة الذمة تجاه القدس".
أسهب صاحب السعادة السابق بالنقد الموجه للسلطة الفلسطينية التي كان جزءا منها بقوله: "إن تشكيل مثل هذه المؤسسات والدوائر محاولة لتبرئة الذات من جريمة تضييع القدس والتخلي عنها, خاصة وأنها باتت شبه مهودة, مؤكدا أن القدس بحاجة لعمل وليس لشعارات ومسميات".
لا غبار على هذه التصريحات, ولكن العبرة – كما يقول سعادته- ليس بالتصريحات, بل بالعمل. والمصيبة أنه كان وزيرا لشؤون القدس, فهل قام الوزير بالعمل على إنقاذها من التهويد, ولما اطلعت على الملفات المنشورة  وغير المنشورة في ملفات فهمي شبانه, وجدت أن سعادة الوزير لم يقم حتى بتبرئة ذمته بفعل شيء حتى ولو كان صوريا,  بل كذب وسرق وزور ونهب المال العام, وورط آخرين ومنهم شقيقه, خليل أبو زياد .
بعظمة لسان شقيقه الذي اعترف لـ "شبانة" في اعتراف من سبع صفحات, توقيعه موجود عل كل واحدة منها, بأن شقيقه عرّض ثلا ث قطع أراض في باب المغاربة وبيت حنينا وأرض اخرى قرب أبوديس من جانب بالقدس لخطر التسريب لحارس املاك الغائبين نتيجة طمعه وجشعه , كان أبو زياد قد قام بتسجيل صفقات البيع  باسم شقيقه, وفي أحد الأيام طلب من شقيقه أن يسجلها باسمه لدى كاتب عدل إسرائيلي. ولكن خليل أبو زياد رفض ذلك. ولو فعل خليل ما طلبه شقيقه, الذي يحمل هوية القدس, لأصبحت هذه الأراضي ملكا لحارس أملاك الغائبين.
ليس هذا فقط, بل إنه ورط الحسيني حين جعله يوقع على رسالة للرئيس أبو عمار بتاريخ, 15-12-1999 يطلب من الرئيس دفع 200 ألف دولار كدفعة ربط لشراء قطعة أرض في باب المغاربة يملكها يهودي من أصل إيراني, يدعى مسعود(نيسان) سجيان. وقرر أبو عمار في السابع والعشرين بنفس الشهر والعام أن يحول له المبلغ.
والقطعة مشتراه من محمد خليل القراعين الذي قتل عام 1989 بتهمة بيع وتسريب أراضي لليهود. مساحة الأرض المعنية,  1.3 دونم, وعليه أربع بيوت عربية, تسكنها أربع عائلات غير محمية, ولا تبعد إلا مائتي متر عن السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك. وانتقلت ملكية الأرض للمالك الجديد سجيان عام 1994.
زعم أبو زياد في رسالته أن قيمة الأرض تزيد عن 1.5 مليون دولار, وأنه تجري مداولات ومساومات مع منظمة عطيرت كوهنيم الاستيطانية التي استعدت دفع ضعفي المبلغ له. ويحث أبو زياد الرئيس أن يسارع بدفع المال والتوقيع على الصفقة قبل أن تطير الأرض إلى أيدي عوطيرت كوهانيم وتتشرد العائلات العربية.
كتب أبو زياد للرئيس: " عطيرت كوهنيم دفعوا له (لمسعود سجيان) ضعف المبلغ أي مليون ونصف مليون دولار, ولكنه غير متحمس, لأنه كان يعيش مع المسلمين في إيران أيام الشاه, وتربطه  بهم ذكريات جميلة, ولا يريد أن يلقي عائلات عربية في الشارع, ولكنه بنفس الوقت بحاجة للمال وبالتالي مستعد  للبيع لجهة عربية  لقاء ثمن معقول".( أي  750  ألف دولار, تقاضى منها أبو زياد 700 ألف دولار, حسب إيصالات من وزارة المالية, محفوظة في ملفات شبانه.

سأفترض أن الرئيس أبو مازن لا يعلم بما فعل أبو  زياد, فلم يحرك ساكنا. للأسف, اشتغل رجالات السلطة في تشويه سمعة شبانه وبث الدعايات المغرضة, بدلا من القيام بالتحقيق فيما أورده من معلومات ووثائق.  فقد قام أبو زياد بشراء أراضي, وتقاضى أضعافا مضاعفة من السلطة, وكذب في تحديد أثمانها التي دفعها, كذب وماطل, عندما زعم أنه يريد تحويل ملكية الأراضي إلى دائرة الأوقاف الإسلامية, ولم يفعل حتى هذه اللحظة. لم يكتف بالكذب, بل زيف أوراقا, ونهب قطعة أخرى في بيت حنينا, وثالثة في أبو ديس.
أخذت أبحث عن رقم هاتفه إلى أن وجدته, هاتفته وسألته عن كل هذه التهم, فرفض أن يجيب على أسئلتي وقال إنه لا يريد أن يتحدث بالموضوع, بل استنكر تناولي لقضيته, بقوله: "هناك مليون قضية أخرى تكتب عنها, وما فش إلا قضيتي".
أجبت: "وأنا أكتب عن قضايا اخرى". وذكرت عددا من الأسماء الذين أحقق في فسادهم.
 أجاب: "أنا احترمك  وأنت صديقي. أحسست, بعد ذلك, بأنني  أحرجته, لذلك وتجنبا للحرج, أقترح إجراء تعديل دستوري في صياغة القسم: فيقسم الوزير أبو زياد, ويكون صادقا في قسمه, ويقول: أقسم بالله العظيم ألا ألتزم أبدأ بالدستور, ولا أحترم القانون, ولا أوفي بعهد قطعته على نفسي أبدا, قبل أن أصبح وزيرا, وبعد أن أصبحت وزيرا, وأقسم أن أتخلى عن الإلتزام بخدمة الوطن, فلا أخدم إلا نفسي ومصالحي, وأفراد عصابتي من أهل الفساد, وأبذل كل جهدي وبكل أمانة في خدمتهم, والله شهيد على ما أقول".
وأنا بدوري, أقسم ألا أتعرض لأي وزير أو مسؤول يعمل في السلطة الفلسطينية, أو في أي جهاز أمني, قضائي, وإعلام رسمي أو خاص أو أي مؤسسة عامة أو خاصة, إن أقسموا هذا القسم.
ولكنه لم يقسم, وأنا أقسم أن أحارب الفاسدين من أمثال أبو زياد وغيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق