تحقيقاتٌ تُرهِبُ السلطانَ ولا تَرْهَبُهُ

تهافت سماسرة الأراضي والوطن

22‏/02‏/2012

أذرع الفساد الأخطبوطية



 أنواع الفساد في بلادنا كثيرة, أي أنه لا حدود فاصلة بين الفساد في المال والإدارة, هناك الكثير من هذه الملفات لا تزال في الأدراج, ومنها تلك الملفات التي لم يكشف عنها بعد ضابط المخابرات الفلسطيني السابق فهمي شبانه, وبعض الملفات 
موجودة لدى الإسرائيليين, وحركة المقاومة الإسلامية حماس, وفي أدراج المخابرات الفلسطينية العامة وجهاز الأمن الوقائي, ولدى مسؤولين كبار في منظمة التحرير الفلسطينية
وأفراد متنفذين سابقين وحاليين, ومنهم خالد سلام, المستشار الإقتصادي للرئيس الراحل, وكلا من جبريل الرجوب, ومحمد دحلان, رئيسا جهازي الأمن الوقائي السابقين في الضفة الغربية وقطاع غزة, ورئيس جهاز المخابرات العامة السابق توفيق الطيراوي, والسيد رفيق الحسيني, رئيس ديوان الرئاسة المقال الذي وصف نفسه مؤخرا بأنه "الصندوق الأسود" للرئيس الفلسطيني محمود عباس, لكنه أعلن أنه لا يريد أن يكشف شيئا من الأسرار التي بحوزته, كما صرح مؤخرا في حديث صحفي. 
نريد أن ننوه أن الكثير من هذه الملفات ضاعت أو دفنت بموت المتورطين أو العارفين بها من مسؤولين سابقين في منظمة التحرير, أو أنها أُتلفت عمدا. فقد ألزم الرئيس الفلسطيني محمود عباس جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي بإتلاف ما لديهم من تسجيلات وفيديوهات وأقراص مدمجة عن فضائح مخلة بالآداب ارتكبها مسؤولون أو أفراد, وكان الأحرى به أن يحول هذه الملفات إلى القضاء أو ما يسمى بهيئة مكافحة الفساد التابعة للسلطة, للتحقيق فيها وإحالة المتورطين إلى المحاكم. وكشفُ ملفات الفساد يحتاج إلى أجواء جديدة من الحرية, وصحافة حرة, وقضاء مستقل ونزيه, يحتاج إلى توفر قيادة متحررة من قيود الاتفاقيات المذلة, إلى أحزاب سياسية وتنظيمات لا تدور في فلك المحسوبية , أو تصلي في محرابها. الكشف الحقيقي يحتاج إلى أُناس وطنيين, لا يخشون أحدا, ولا يقيمون وزنا لمصلحة خاصة, ليس لهم أجندات شخصية أو أهداف كيدية. يحتاج إلى تشكيل هيئة قضائية وطنية مشتركة يتميز أفرادها بالنزاهة ويتمتعون باستقلال تام عن أي جهة سياسية, ولديها الصلاحيات التنفيذية للوصول إلى جميع مصادر الملفات, ومنها الملفات التي يحتفظ بها الأفراد وأجهزة المخابرات الإسرائيلية والمخابرات العربية والأمريكية والبريطانية وكذلك حركة حماس, أو الأفراد, وهذا أمر شبه مستحيل, نحتاج إلى أكثر من "ويكيليكس" له أذرع أخطبوطية, وأقول بثقة أن ما كشف من ملفات, حتى الآن لا يشكل إلا النزر اليسير. ما أفعله في تحقيقاتي, لا يخرج عن المألوف, لكنه لا يحدث في بلادنا أبدا, فجميع الأخبار المنشورة عن الفساد تفتقد إلى التحليل الدقيق, والجرأة في طرح القضايا. أقوم بدراسة بعض الملفات المنشور جزء منها , والاتصال بالمعنيين ومواجهتهم بهذه الملفات, لا غاية سياسية أو شخصية لي، غايتي هو الإسهام فقط في كشف الفاسدين. أطمح أن يحفز عملي هذا إعلاميين آخرين للقيام بما أقوم به, ويؤدي إلى بعض الحراك. الفساد "المشرش" في بيئتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية لا يمكن اجتثاثه إلا إذا تضافرت جهود الكثيرين, ومنهم الخبراء والمختصون في المجالات المختلفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق